الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

مادة الشريعة الإسلامية: مقارنة بين العلوم الإسلامية و العلوم القانونية

* نبذة عن العلوم الإسلامية:

تبتني منظومة العلوم الشرعية الإسلامية على الشريعة المتمثلة في القرآن والسنة الصحيحة ، حيث تولدت منها قواعد أصول الفقه الذي هو الأداة في استنباط الأحكام الفقهية و يعتمد الفقيه فيه على الكتاب والسنة والإجماع و العقل (كالقياس ، والاستحسان ، والمصلحة) في استنباط الأحكام ، وتجمع النتائج النهائية التي يتوصل إليها الفقيه في عملية استنباط الأحكام لتشكل مجموعة أحكام عملية جزئية تعرف بعلم الفقه ، ثم تستخلص منه أحكام عامة كلية تعرف بالقواعد الفقهية ، فهنالك خمس قواعد فقهية أساسية هي (1) لا ضرر ولا ضرار (2) إنما الأعمال بالنيات (3) اليقين لا يزول بالشك (4) العادة محكمة بمعنى احترام الدين لبعض العادات والتقاليد الاجتماعية دون بعضها الآخر كوأد البنات (5) المشقة تجلب التيسير ، مثل قصر وجمع الصلاة في السفر ، و أخيرا هنالك علم المقاصد الشرعية الذي لا يصل إلى فهمه و هضمه إلا القلة من نوابغ علماء الشريعة و هو معرفة المصالح النهائية التي قصد الشارع تحقيقها في الواقع ، وبعبارة أخرى هو بمثابة التخطيط الاستراتيجي بعيد الأمد للفقيه ، ومداره حفظ الضرورات الخمسة (الدين ، النفس ، المال ، العقل ، العرض) .

* نبذة عن العلوم القانونية:

يعتبر عرف الدولة (النظام العام) هو المرتكز الأساسي للقانون الوضعي إذ أن الدستور ما هو إلا تعبير وتنظيم لهذه الأعراف والتقاليد والمعتقدات ، ومن الدستور تستلهم القوانين والمراسيم وهي قواعد تشريعية متخصصة مستمدة من العرف ، ومنها تصدر اللوائح التنفيذية ، و يسمى مجموع الدستور والقوانين والمراسيم واللوائح بالتشريعات .

* مقارنة بين العلوم الإسلامية والقانونية في ضوء علم الأنظمة

لا شك بأن النظام الراسخ لا بد أن يتكون من ثوابت ومتغيرات حيث تكون الثوابت هي المرتكز الذي يضمن رصانة القانون وتماسكه بينما تكون المتغيرات هي الجانب المرن الذي يجعل القانون متناسبا مع متغيرات الظروف والمكان والزمان ، ومن هنا فالأنظمة الجامدة الخالية من المتغيرات لا يكتب لها الاستمرار لعجزها عن مواكبة المتغيرات المحيطة ، كما هو الحال مع الأنظمة السيالة الخالية من الثوابت التي تنقض نفسها بنفسها .
إذا عرفت ذلك فاعلم بأن العلوم الإسلامية مبنية على أساس رصين ثابت لا يجوز تغييره وهو الوحي الإلهي المتمثل بالقرآن الكريم إضافة إلى السنة النبوية الصحيحة فلا يجوز لأي كان أن يأتي بقانون يناقض نصوصهما ولا يجوز لمجتهد أن يجتهد في مقابلهما وهذه هي نقطة الثبات والارتكاز في العلوم الإسلامية ، بينما تبقى هنالك مواضع أخرى مسكوت عنها يمكن للفقهاء أن يجتهدوا فيها وفق متغيرات الظروف والمصالح .
أما بالنسبة إلى العلوم القانونية فهي مبنية على العرف العام وهو متغير نسبي متفاوت بين شعب وآخر و مكان وآخر وزمان وآخر مما لا يجعل للعلوم القانونية أساسا راسخا ترتكز عليه ، فهذا هو الفرق الجوهري بينها وبين العلوم الإسلامية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق